التآخي في اللهالتآخي في الله
————-
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، [10، الحجرات]. ولفظ ﴿إِخْوَةٌ﴾، في هذه الآية الكريمة يفيد أن المؤمنين إخوة أشقاء، فقربَّ سبحانه وتعالى المسافة بين المؤمنين. فأبوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهاتهم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فصار النسب ساريا في كل المؤمنين، وأصبح كلُّ مؤمن شقيقاً لأخيه المؤمن في الروح والمعنى وليس في الجسم والمبنى، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما معناه:
( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها).
(رواه البخارى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما)
فيبحث المؤمن عمن قطعه من إخوانه ليصله حبًّا في رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالناس يقطعونه وهو يصلهم، وهذا مقام لا يدانيه مقام، فإذا لم يستطع وصلهم فعليه بالدعاء لهم، والاستغفار لهم والترحم عليهم.وأفضل الدعاء هو دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب، ويقول الله له في الحديث القدسي ما معناه:﴿قد تكرمت على أخيك المؤمن وأنا أكرم منك عليه فقد أجبتُ دعاءك له ولك مثل ما طلبت لأخيك﴾.
ويكتب هذا الثواب للمؤمن الذي دَعَوتَ له بظهر الغيب بدون أن يدرى!!! ثم يجده عند لقاء ربه!!!! قال الله تعالى:﴿يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾، [13القيامة].
والثواب يكون فيه الأجر وزيادة، قال تعالى: ﴿لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾، [103البقرة].فرُبَّ كلمة يعطى عليها المؤمن أجرًا مثل الجبال، والأجرُ إنما يكون عن شيء فعله المؤمن قال تعالى:﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾، [160الأنعام]
أما إذا ضوعفت الحسنة إلى سبعمائة وزيادة، فهذا هو الثواب من الله عزَّ وجلَّ. قال الله تعالى:﴿ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ﴾ [80القصص]
ملاحظة
———–
كثير من أعمال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاصة لم تصلنا بطريق التواتر، حيث أن الصحابة رضي الله عنهم لم يستطيعوا إحصاءها لكثرتها، ولأنهم لم يلتقوا برسول الله دائما طوال الليل والنهار، فكل أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلال اليوم والليلة عبادة لله عزَّ وجلَّ، سواء في خلواته أو في جلواته، ولا يستطيع أحد إحصاء ما يقع منه صلى الله عليه وسلم خلالها حيث أنه مثل العالَمِ مرتين، قال الله تعالى:﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ [74- 75الإسراء]
ومعنى ﴿ضِعْفَ الْحَيَاةِ﴾، أي قدر الأحياء مرتين، ومعنى ﴿َضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾، أي قدر الأموات كلهم مرتين، ومن كان كذلك فكيف يقدر الناس جميعا على حصر أقواله وأحواله وأعماله؟!!!! وإن كنا قد علمنا منه صلى الله عليه وسلم كل أمور الدين وآدابه قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بطريق التواتر.
أما أعماله الخاصة فقد وصلتنا عن طريق الأفراد الذي كانوا لا يفارقون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يَتْبَعُونَه مثل ظلِّه لشدة تعلقهم به، وحبِّهم له صلى الله عليه وسلم.