إذا كان القرآن الكريم بيَّن فضائل رسولالله صلوات الله وسلامه عليـه ، وبعد ، فمن من العلماء أو المحدثين أو الخطباء يستطيع أن يتحدث عن رسول الله صلى اللهعليه وسلم ، لكننا نقول لنذكَّر بعضنا على سبيل الذكرى
ولذلك فإن أحد الصالحين ، وكان من العشاق للذات العليَّة ، وقد وقف حياته كلها على مناجاة الله ، وعبادة الله ، والتذلل بين يدي الله ، والتضرع بين يدي الله ، لعله ينال القبول من الله ، فهو يعبد هذه الذات ، وقال فيها قصائداً فوق العقول ، وعندما حانت منيَّته ، وفي لحظة الانتقال ، عُرِضَ عليه مقعده في الجنَّة ، وأروه مكانته في الجنَّة ، ولكنه لدلاله مع الله لم يرض بهذه المنزلة ، وقال منشداً :
فإن تلك منزلتي في الحب عندكم ما قد رأيت فقد ضيَّعت أيامي
لماذا؟ لأنه يريد الله {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28
كالجماعة الذين يتحدث عنهم الرسول ، أنهم يوم القيامة وبعد أن يدخلوا الجنَّة ، ويأمر الله لهم بأنواع نعيم الجنَّة كلها ، ويقول لهم : هل بقى لكم شئ؟ مثل الذي عنده ضيوف ، ويقدم لهم واجب الضيافة ، ويقول لهم : بقى لكم شئ ؟ فيقول الله سبحانه وتعالى : بقى لكم شئ عندي ادخرته لكم ، فيقولون وما هو؟ ، فيكشف لهم عن بديع وجهه ، فينظرون إلى وجه الله بالنور الذي يحبوهم به ، الله فلا يجدون مع حسن الله شيئا ، فينسون النعيم ، وينسون الملذَّات ، وينسون المتع ، وينسون كل هذه الأشياء ، بجوار جمال الكريم سبحانه وتعالى :
فهذا الرجل الصالح ، لما انتقل رآه أحد الصالحين في المنام ، فقال له : أنت قلت كلاماً كثيراً في الشوق إلى الله ، وفي مناجاة الله ، فلماذا لم تمدح رسولالله صلى اللهعليهوسلم ؟ ، فقال :
أرى كل مدح في النبي مقصرا وإن بالغ المثنى عليه وأكثرا إذا كان الله أثنى بما هو أهله عليه فما مقدار ما يمدح الورى؟
على قدرى أصوغ لك المديحا ومدحك صاغه ربى صريحا ومن أنا ياإمام الرسل حتى أوفى قدرك السامى شروحا ولكني أحبك ملء قلبي فاسعد بالوصال فتىً جريحا
فإني أعبّر فقط عن محبتى لك ، فكل الذي يتحدث عن رسولالله ، يعبِّر عن بعض ما في فؤاده من الشوق إلى رسولالله ، ومن الوجد إلى رسولالله ، ومن الحبِّ إلى رسولالله ، ومن الغرام في سيدنا ومولانارسول الله {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} الأحزاب40
فهو رسولالله ، وختام النبيين ، فهذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، من الذي أدَّبه ؟ ، ومن الذي تولاه ؟ ومن الذي قال له : لا تخف {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} الحجر95
ومن الذي قال له مر الحراس بتركك؟ وقال له {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} المائدة67
فهو الذي سيتعهد بحفظه ، وبكفالته ، فالذي أرسله وبعثه ، هو الذي تعهَّد به من البداية إلى النهاية صلوات الله وسلامه عليه ، من أجل هذا لما نرى بعض أحداث ميلاد رسولالله صلوات الله وسلامه عليه، نجد الدليل على فضل الله ، وعلى عظيم نعم الله التي لا تعد ولا تحصى علينا كلنا ، ببركة رسولاللهصلى اللهعليه وسلم
أما فضل الله على رسولالله ، فلا نستطيع أن نعبر عنه ، لكن نسأل من عرفوه ، نحن صحيح عرفناه بعض الشئ ، لكن الذي عرفه أكثر وعن قرب ، هم الأنبياء والمرسلون ، فدائماً الناس المقربون للإنسان يكونون أكثر علماً به ، وأكثر دراية به ، وأكثر إحاطة به
فأكثر الناس علماً برسول الله وبمكانة رسولالله ، الأنبياء والمرسلون ، لماذا؟ لأن هؤلاء الذين كشف لهم ربنا الستار عن النبي المختار ، فرأوا ما أسبغه اللهعليه من النعم الظاهرة والباطنة ، ولما رأوا هذه النعم ماذا طلبوا؟
منهم من طلب أن يكون من أمته ، أي يريد أن يكون فرداً من أفراد هذه الأمة مثله مثلنا ، لماذا؟ من أجل الفضل الذي خص به نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، ومنهم من قدم التماساً حتى يرى هذا النبي ، وليس واحداً بل مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ، قدموا جميعاً التماساً لحضرة الله ليكشف لهم عن نور وجه رسولالله ، ويمتعهم به ، فوجه رسول كما يقول صلى اللهعليهوسلم في الحديث {مَنْ رَآنِي حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهَ عَلَىَ النَّارِ}[2]
مَنْ رآنِي في المَنَامِ، فَقَدْ رَأَنى حَقَّـاً ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بي}[3]
والحديث الآخر {مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ}[4]
لا بد من ذلك ، والحديث الأول قال {من رآني حرم الله جسده على النار} فالذي رآه بأي صورة؟ بالصورة النبويَّة؟ أو بالصورة الحقيَّة؟ أو الصورة النورانيَّة التي خلقه الله عليها سبحانه وتعالى؟ لكن بالنسبة للصورة الجسمانيَّة ، فأبو لهب كان يراه ، وأبو جهل كان يراه ، وقد قال فيها الله {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}الأعراف198
لا يرون الجمال الذي فيك ، وإنما يرون جسماً مثلهم ، يأكل ، ويشرب ، ويتزوج ، ويذهب ، ويعود ، لكن النور الممتد من هذا الجسم أين هو؟ لا يرونه ، هذا النور من الذي رآه؟ الأنبياء والمرسلون صلوات اللهوسلامه عليهم أجمعين
وهذا الذي جعلهم يتعلقون برسول الله ، وربنا كشف لهم هذا النور ، وهم أرواح نورانيَّة قبل خلق الخلق، فدعاهم إلى اجتماع بعد ما خلق الكلَّ ، جمع فيه أرواح النبيين والمرسلين ، وبعدما حضروا الاجتماع ، وجدوا نوراً يبهر الأبصار ، غشاهم هذا النور ، فأدهش عيونهم حتى صاروا لا يستطيعون الرؤية ، فقالوا {نُورُ مَنْ هَذَا يَا رَبّْ؟ ، قَالَ : هَذَا نُورُ حَبِيبِي مُحَمَّدٍ صلى اللهعليهوسلم ، وَ لَوْ آمْنْتُمْ بِهِ لَجَعَلْتُكُمْ أنْبِيَاءَ ، فَقَالُوا : آمَنَّا بِهِ وَ صَدَّقْنَاه}[5]
فأخذ عليهم العهد ، وكتبه في كتابه الكريم {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ} آل عمران81
لم يقل {المرسلين} لأن هناك فارقاً بين النبوَّة والرسالة ، فالنبوَّة تبدأ قبل خلق الخلق لأنها للأرواح ، لكن الرسالة لا تأتي إلا بعد أن يبعث ، ويكلَّف ، بعدما يأتي في الدنيا ، فيعطيه الرسالة ، ويقول له بلِّغها ، لكن النبوَّة من قبل خلق الخلق ، ولذلك لما سألوا رسولالله صلى اللهعليه وسلم عن بدء نبوته فقالوا: متى كنت نبياً؟ قال {وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَ الجَسَدِ}[6]
وهل يوجد شخص ليس له روح ولا جسد ؟ لا ، إذاً يعنى قبل آدم ، وفي الرواية الأخرى قال صلى اللهعليه وسلم {إنِّى عِنْدَ اللهِ فِى أمِّ الكِتَابِ لخَاتَمُ النَّبِيينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتَه}[7]
أي وآدم لم يكن طيناً ، ولم يقل {خاتم المرسلين} بل قال {خاتم النبيين} لأن الرسالة لم يأتِ بعد زمانها ، أو مكانها ، أو أوانها ، لكن النبوَّة قبل خلق الخلق ، هذه هي نبوَّة رسول الله {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران81
فرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم من هذا اليوم ، كل واحد منهم مكلَّف بأن يبين جمال رسولالله ، وصفات رسولالله ، وبعثة رسولالله ، وسمات وعلامات رسولالله ، ويأمر قومه أن يتبعوه، ولذلك لما جاء ربنا وتكلم عن اليهود ، قال {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} البقرة146
أيضل أحد عن أولاده؟ ولا يعرفهم؟ فهؤلاء يعرفونه مثلما يعرفون أولادهم ، لكن الذي يمنعهم من الإيمان به؟ الحسد ، والحقد ماذا؟ لأنهم كانوا يطمعون أن تكون النبوة فيهم ، فتكون في بني إسرائيل ، فلما ذهبت النبوة إلى بني إسماعيل غضبوا ، ولم يؤمنوا برسول الله ، فالأنبياء هم الذين عرفوا رسولالله ، ومن أجل هذا عرفونا مقاماته ودرجاته ، وعرفونا ميزاته التي تفضل بها عليه ربنا سبحانه وتعالى ، صلوات الله وسلامه عليه
{1} رواه مسلم عن صهيب والبخاري عن أبي سعيد الخدري والنسائي وأبو داود وأحمد على روايات عدة {2} رواه الديلمي عن أنس {3} الإمام أحمد والبخاري والترمذى عن أنس ، و مسلم والترمذى و ابن حبان عن أبي هريرة على روايات {4} رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة ، ورواه الطبراني عن أبي بكر ، ورواه الدارمي عن أبي قتادة ورواه أبو نعيم عن يحي وهو حديث متواتر{5} رواه ابن سعد عن خالد بن معدان مرسلا {6} رواه الطبراني عن ابن عباس والترمذي عن أبي هريرة والإمام أحمد والبخاري في تاريخه وابن سعد والبزار وأبو نعيم والطبراني والحاكم عن ميسرة الضبى {7} رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن العرباض بن سارية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات». [صحيح مسلم]
منتدى
" />
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات». [صحيح مسلم]
منتدى
" />
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات». [صحيح مسلم]
منتدى
" />
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله قال: «الذاكرون الله كثيرا والذاكرات». [صحيح مسلم]
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 43 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو محمود رضوان فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 598 مساهمة في هذا المنتدى في 595 موضوع