نسبته
هو أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي الطوسي النيسابوري، يُكنّى بأبي حامد لولد له مات صغيراً،[7] ويُعرَف بـ "الغزّالي" نسبة إلى صناعة الغزل،[9] حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة، ويُنسب أيضاً إلى "الغَزَالي" نسبة إلى بلدة غزالة من قرى طوس، وقد قال عن نفسه: «النّاس يقولون لي الغزّالي، ولستُ الغزّالي، وإنّما أنا الغَزَالي منسوبٌ إلى قرية يُقال لها غزالة».[10]، وقد قال ابن خلكان أن نسبته إلى "الغزّالي" (بتشديد الزاي) هو المشهور، وهو أصحّ من نسبته إلى "الغَزَالي"،[11] ويؤكّد ذلك ما رواه الرحّالة ياقوت الحموي بأنّه لم يسمع ببلدة الغزالة في طوس.[12] كما يُعرف بـ "الطوسي" نسبة إلى إلى بلدة طوس الموجودة في خراسان، والتي تعرف الآن باسم مدينة مشهد موجودة في إيران.
[عدل]ولادته ونشأته
ولد أبو حامد الغزّالي عام 450 هـ الموافق 1058، في "الطابران" من قصبة طوس، وهي أحد قسمي طوس، وقيل بأنّه وُلد عام 451 هـ الموافق 1059.[5] وقد كانت أسرته فقيرة الحال، إذ كان أباه يعمل في غزل الصوف وبيعه في طوس، ولم يكن له أبناء غيرَ أبي حامد، وأخيه أحمد والذي كان يصغره سنّاً.[13] كان أبوه مائلاً للصوفية، رجلاً صالحاً لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يحضر مجالس الفقهاء ويجالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق بما أمكنه إنفاقه، وكان كثيراً يدعو الله أن يرزقه ابنا ويجعله فقيهاً، فكان ابنه أبو حامد أفقه علماء زمانه، وكان ابنه أحمد واعظاً مؤثراً في الناس.[14] ولما قربت وفاة أبيهما، وصّى بهما إلى صديق له متصوّف، وقال له: «إِن لي لتأسفاً عظيماً على تعلم الخط وأشتهي استدارك ما فاتني في وَلَديّ هذَيْن فعلّمهما ولا عليك أن تنفذ في ذلك جميع ما أخلّفه لهما»، فلما مات أقبل الصوفيّ على تعليمهما حتى نفد ما خلّفهما لهما أبوهما من الأموال، ولم يستطع الصوفيّ الإنفاق عليهما، عند ذلك قال لهما: «اعلما أنّي قد أنفقت عليكما ما كان لكما وأنا رجل من الفقر والتجريد بحيث لا مال لي فأواسيكما به وأصلح ما أرى لَكمَا أن تلجئا إِلَى مدرسة كأنكما من طلبة الْعلم فَيحابتدأ طلبه للعلم في صباه عام 465 هـ،[15] فأخذ الفقه في طوس على يد الشيخ أحمد الراذكاني، ثم رحل إلى جرجان وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلي (وهو أبو النصر الإسماعيلي بحسب تاج الدين السبكي، بينما يرى الباحث فريد جبر أنه إسماعيل بن سعدة الإسماعيلي وليس أبا النصر لأنه توفي سنة 428 هـ قبل ولادة الغزالي)،[15] وقد علّق عليه التعليقة (أي دوّن علومه دون حفظ وتسميع)، وفي طريق عودته من جرجان إلى طوس، واجهه قطّاع طرق، حيث يروي الغزالي قائلاً: «قطعت علينا الطرِيق وأخذ العيّارون جميع ما معي ومضوا فتبعتهم فالتفت إليّ مقدّمهم وقال: ارجع ويحك وإِلا هلكت! فقلت له: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط فما هي بشيء تنتفعون به. فقال لي: وما هي تعليقتك: فقلت: كتبت في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها. فضحك وقال: كيف تدّعي أنّك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟ ثم أمر بعض أصحابه فسلّم إِليّ المخلاة».[16] بعد ذلك قرّر الغزالي الاشتغال بهذه التعليقة، وعكف عليه 3 سنوات من 470 هـ إلى 473 هـ حتى حفظها.
وفي عام 473 هـ رحل الغزّالي إلى نيسابور ولازم إِمام الحرمين أبو المعالي الجويني (إمام الشافعية في وقته، ورئيس المدرسة النظامية)، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبو المعالي الجويني بأنه: «بحر مغدِق».[16] وكان الجويني يُظهر اعتزازه بالغزالي، حتى جعله مساعداً له في التدريس،[17] وعندما ألف الغزالي كتابه "المنخول في علم الأصول" قال له الجويني: «دفنتني وأنا حيّ، هلّا صبرتَ حتى أموت؟».[18]
[عدل]تدريسه ورحلاتهصل لَكمَا قوت يعينكما على وقتكما»، ففعلا ذلك وكان هو السبب في علو درجتهما، وكان الغزاليّ يَحكي هذا ويقُول: «طلبنا الْعلم لغير الله فأبى أن يكون إِلّا لله».[14]
تعليمة
ابتدأ طلبه للعلم في صباه عام 465 هـ،[15] فأخذ الفقه في طوس على يد الشيخ أحمد الراذكاني، ثم رحل إلى جرجان وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلي (وهو أبو النصر الإسماعيلي بحسب تاج الدين السبكي، بينما يرى الباحث فريد جبر أنه إسماعيل بن سعدة الإسماعيلي وليس أبا النصر لأنه توفي سنة 428 هـ قبل ولادة الغزالي)،[15] وقد علّق عليه التعليقة (أي دوّن علومه دون حفظ وتسميع)، وفي طريق عودته من جرجان إلى طوس، واجهه قطّاع طرق، حيث يروي الغزالي قائلاً: «قطعت علينا الطرِيق وأخذ العيّارون جميع ما معي ومضوا فتبعتهم فالتفت إليّ مقدّمهم وقال: ارجع ويحك وإِلا هلكت! فقلت له: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط فما هي بشيء تنتفعون به. فقال لي: وما هي تعليقتك: فقلت: كتبت في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها. فضحك وقال: كيف تدّعي أنّك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟ ثم أمر بعض أصحابه فسلّم إِليّ المخلاة».[16] بعد ذلك قرّر الغزالي الاشتغال بهذه التعليقة، وعكف عليه 3 سنوات من 470 هـ إلى 473 هـ حتى حفظها.
وفي عام 473 هـ رحل الغزّالي إلى نيسابور ولازم إِمام الحرمين أبو المعالي الجويني (إمام الشافعية في وقته، ورئيس المدرسة النظامية)، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبو المعالي الجويني بأنه: «بحر مغدِق».[16] وكان الجويني يُظهر اعتزازه بالغزالي، حتى جعله مساعداً له في التدريس،[17] وعندما ألف الغزالي كتابه "المنخول في علم الأصول" قال له الجويني: «دفنتني وأنا حيّ، هلّا صبرتَ حتى أموت؟».[18]
[عدل]تدريسه ورحلاته
عندما تُوفي أبو المعالي الجويني سنة 478 هـ الموافق 1085، خرج الغزالي إلى "العسكر" أي "عسكر نيسابور"، قاصداً للوزير نظام الملك (وزير الدولة السلجوقية)، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل.[16] كان الوزير نظام الملك زميلاً للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي الفقهي، والعقيدة الأشعرية السنّي، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، والتي قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وكان ذلك في جمادى الأولى عام 484 هـ الموافق 1091، ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره.[19]
[عدل]الغزالي في بغداد
وصل الغزالي إلى بغداد في جمادى الأولى سنة 484 هـ،[20] في أيام الخليفة المقتدي بأمر الله العباسي، ودرّس بالمدرسة النظامية حتى أُعجب به الناس لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه. وأقام على التدريس وتدريس العلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مدّة أربعة سنوات، حتى اتسعت شهرته وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ "الإمام" لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية في بغداد،[21] ولقّبه نظام الملك بـ "زين الدين" و"شرف الأئمة".[20] وكان يدرّس أكثر من 300 من الطلاب في الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه،[21] وحضر مجالسه الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب وأبي بكر بن العربي،[18] حيث قال أبو بكر بن العربي: «رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم»،[8]
انهمك الغزالي في البحث والاستقصاء والردّ على الفرق المخالفة بجانب تدريسه في المدرسة النظامية، فألّف كتابه "مقاصد الفلاسفة" يبيّن فيه منهج الفلاسفة، ثمّ نقده بكتابه "تهافت الفلاسفة" مهاجماً الفلسفة ومبيّناً تهافت منهجهم.[22] ثمّ تصدّى الغزالي للفكر الباطني (وهم الإسماعيلية) الذي كان منتشراً في وقته والذي أصبح الباطنيون ذوو قوّة سياسية،[23] حتى أنّهم قد اغتالوا الوزير نظام الملك عام 485 هـ الموافق 1091، وتُوفي بعده الخليفة المقتدي بأمر الله، فلما جاء الخليفة المستظهر بالله، طلب من الغزالي أن يحارب الباطنية في أفكارهم، فألّف الغزالي في الردّ عليهم كتب "فضائح الباطنية" و"حجّة الحق" و"قواصم الباطنية".[22]
رحلة الغزالي
عندما تُوفي أبو المعالي الجويني سنة 478 هـ الموافق 1085، خرج الغزالي إلى "العسكر" أي "عسكر نيسابور"، قاصداً للوزير نظام الملك (وزير الدولة السلجوقية)، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل.[16] كان الوزير نظام الملك زميلاً للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي الفقهي، والعقيدة الأشعرية السنّي، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، والتي قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وكان ذلك في جمادى الأولى عام 484 هـ الموافق 1091، ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره.[19]
الغزالي في بغداد
وصل الغزالي إلى بغداد في جمادى الأولى سنة 484 هـ،[20] في أيام الخليفة المقتدي بأمر الله العباسي، ودرّس بالمدرسة النظامية حتى أُعجب به الناس لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه. وأقام على التدريس وتدريس العلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مدّة أربعة سنوات، حتى اتسعت شهرته وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ "الإمام" لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية في بغداد،[21] ولقّبه نظام الملك بـ "زين الدين" و"شرف الأئمة".[20] وكان يدرّس أكثر من 300 من الطلاب في الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه،[21] وحضر مجالسه الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب وأبي بكر بن العربي،[18] حيث قال أبو بكر بن العربي: «رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم»،[8]
انهمك الغزالي في البحث والاستقصاء والردّ على الفرق المخالفة بجانب تدريسه في المدرسة النظامية، فألّف كتابه "مقاصد الفلاسفة" يبيّن فيه منهج الفلاسفة، ثمّ نقده بكتابه "تهافت الفلاسفة" مهاجماً الفلسفة ومبيّناً تهافت منهجهم.[22] ثمّ تصدّى الغزالي للفكر الباطني (وهم الإسماعيلية) الذي كان منتشراً في وقته والذي أصبح الباطنيون ذوو قوّة سياسية،[23] حتى أنّهم قد اغتالوا الوزير نظام الملك عام 485 هـ الموافق 1091، وتُوفي بعده الخليفة المقتدي بأمر الله، فلما جاء الخليفة المستظهر بالله، طلب من الغزالي أن يحارب الباطنية في أفكارهم، فألّف الغزالي في الردّ عليهم كتب "فضائح الباطنية" و"حجّة الحق" و"قواصم الباطنية".[22]
إلى طوس
[color=olive]بعد قرابة 11 سنة من العزلة والتنقّل، عزم الغزّالي على العودة إلى بغداد، فكان ذلك في ذي القعدة سنة 499 هـ،[26] ولم يدم طويلاً حتى أكمل رحلته إلى نيسابور ومن ثمّ إلى بلده طوس، وهناك لم يلبث أن استجاب إلى رأي الوزير فخر الملك للتدريس في نظامية نيسابور مكرهاً، فدرّس فيها مدة قليلة، وما لبث أن قُتل فخر الدين الملك على يد الباطنية، من ثم ّ رحل الغزالي مرة أخرى إلى بلده طابران في طوس، وسكن فيها، متخذاً بجوار بيته مدرسة للفقهاء وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية، ووزّع أوقاته على وظائف من ختم القرآن ومجالسة الصوفية والتدريس لطلبة العلم وإدامة الصلاة والصيام وسائر العِبَادات،[16] كما صحّح قراءة أحاديث صحيح البخاري وصحيح مسلم على يد الشيخ عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرواسي.[28] يروي بعض الناس حال الغزالي عند دخوله بغداد أول مرة، وحال دخوله إياها بعد رحلته، فعن أبي منصور الرزاز الفقيه، قال: «دخل أبو حامد بغداد، فقوّمنا ملبوسه ومركوبه خمسمائة دينار. فلمّا تزهد وسافر وعاد إلى بغداد، فقوّمنا ملبوسه خمسة عشر قيراطاً» وعن أنوشروان (وكان وزيراً للخليفة) أنه زار الغزالي فقال له الغزالي: «زمانك محسوب عليك وأنت كالمستاجر فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي» فخـرج أنوشروان وهو يقول: «لا إله إلا الله، هذا الذي كان في أول عمره يستزيدني فضل لقب في ألقابه، كان يلبس الذهب والحرير».[18]
وفاتة
بعد أن عاد الغزّالي إلى طوس، لبث فيها بضع سنين، وما لبث أن تُوفي يوم الاثنين 14 جمادى الآخرة 505 هـ، الموافق 19 ديسمبر 1111م، في "الطابران" في مدينة طوس،[5] روى أبو الفرج بن الجوزي في كتابه "الثبات عند الممات"، عن أحمد (أخو الغزالي): «لما كان يوم الإثنين وقت الصبح توضأ أخي أبو حامد وصلّى، وقال: "عليّ بالكفن"، فأخذه وقبّله، ووضعه على عينيه وقال: "سمعاً وطاعة للدخول على الملك"، ثم مدّ رجليه واستقبل القبلة ومات قبل الإسفار».[29] وقد سأله قبيل الموت بعض أصحابه:، فقالوا له: أوصِ. فقال: «عليك بالإخلاص» فلم يزل يكررها حتى مات.[18]
وأما عن تعيين قبره، فقد روى تاج الدين السبكي بأن الغزّالي دُفن في مقبرة "طابران"، وقبره هناك ظاهر وبه مزار.[16] أمّا حالياً فلا يُعرف قبر ظاهر للغزّالي، إلا أنه حديثاً تم اكتشاف مكان في طوس قرب مدينة مشهد في إيران حيث يُعتقد بأنه قبر الغزّالي،[30] والذي أمر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإعادة إعماره خلال زيارته إلى إيران في ديسمبر 2009.[31] وقد ادّعى الشيخ فاضل البرزنجي بأن قبر الغزالي موجود في بغداد وليس في طوس، بينما يؤكد أستاذ التاريخ بجامعة بغداد الدكتور حميد مجيد هدو، بالإضافة للوقف السني في العراق بأن قبره في طوس، وأن ما يتناقله الناس حول دفن الغزالي ببغداد، مجرد وهم شاع بين العراقيين،[32] حيث أن المدفون في بغداد هو شخص صوفي يلقب بالغزالي وهو مؤلف كتاب "كشف الصدا وغسل الرام"، وجاء إلى بغداد قبل نحو ثلاثة قرون، وبعد فترة من وفاته جاء من قال إن هذا قبر الغزالي، وهو وهم كبير وقع فيه الناس.[33]
وقد رثى الغزّالي حين مات أبو المظفر الأبيوردي إذ قال:[34]
بَكَى على حجَّة الْإِسْلَام حِين ثوى من كل حَيّ عَظِيم الْقدر أشرفه
فَمَا لمن يمتري فِي الله عبرته على أبي حَامِد لَاحَ يعنفه
تِلْكَ الرزية تستوهي قوي جلدي فالطرف تسهره والدمع تنزفه
فَمَاله خله فِي الزّهْد تنكره وَمَا لَهُ شُبْهَة فِي الْعلم تعرفه
مضى فأعظم مَفْقُود فجعت بِهِ من لَا نَظِير لَهُ فِي النَّاس يخلفه
وقال فيه أيضاً القاضي عبد الملك بن أحمد بن محَمّد بن المعَافى:[34]
بَكَيْت بعيني واجم الْقلب واله فَتى لم يوال الْحق من لم يواله
وسيبت دمعا طَال مَا قد حَبسته وَقلت لجفني واله ثمَّ واله
أَبَا حَامِد مُحي الْعُلُوم وَمن بَقِي صدى الدّين وَالْإِسْلَام وفْق مقاله
[]الغزالي والفلسفة
كانت الفلسفة في عصر أبي حامد الغزالي قد أثرت في تفكير الكثيرين من أذكاء عصره وسلوكهم، وأدى ذلك إلى التشكيك في الدين الإسلامي والإنحلال في الأخلاق، والاضطراب في السياسة، والفساد في المجتمع.[36] فتصدّى أبو حامد الغزالي لهم بعد أن عكف على دراسة الفلسفة لأكثر من سنتين، حتى استوعبها وفهمها، وأصبح كواحد من كبار رجالها، يقول عن نفسه: «ثم إني ابتدأت بعد الفراغ من علم الكلام بعلم الفلسفة، وعلمت يقيناً أنه لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم، حتى يساوي أعلمهم في أصل ذلك العلم.. فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب.. ثم لم أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريباً من سنة أعاوده وأردده وأتفقد غوائله وأغواره، حتى اطَّلعت على ما فيه من خداع، وتلبيس وتحقيق وتخييل، واطلاعاً لم أشك فيه»،[37] وألّف في ذلك كتابه "مقاصد الفلاسفة" مبيّناً منهجهم. ثم بعد ذلك وصل إلى نتيجته قائلاً: «فإني رأيتهم أصنافاً، ورأيت علومهم أقساماً وهم - على كثرة أصنافهم - يلزمهم وصمة الكفر والإلحاد، وإن كان بين القدماء منهم والأقدمين، وبين الأواخر منهم والأوائل، تفاوت عظيم، في البعد عن الحق والقرب منه».[37]
تناول الغزالي الفلسفة بالتحليل التفصيلي، وذكر أصنافهم وأقسامهم، وما يستحقون به من التكفير بحسب رأيه، وما ليس من الدين، بذلك اعتُبر الغزالي أول عالم ديني يقوم بهذا التحليل العلمي للفلسفة، وأول عالم ديني يصنّف في علومهم التجريبية النافعة، ويعترف بصحة بعضها.[38] إذ قسّم الغزالي علوم فلاسفة اليونان إلى العلوم الرياضية، والمنطقيات، والطبيعيات، والإلهيات، والسياسات، والأخلاقيات، وكان أكثر انتقاد الغزالي وهجومه على الفلاسفة ما يتعلق بالإلهيات، إذ كان فيها أكثر أغاليطهم بحسب الغزالي، وقد كفّر الغزالي فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية في 3 مسائل، وبدّعهم في 17 عشر مسألة، وألّف كتاباً مخصوصاً للرد عليهم في هذه ال 20 مسألة سمّاه "تهافت الفلاسفة"،[38] وفيه هاجم الفلاسفة بشكل عام والفلاسفة المسلمون بشكل خاص، وخاصة ابن سينا والفارابي فقد هاجمهم هجوماً شديداً، ويُقال إنه قضى على الفلسفة العقلانية في العالم العربي، منذ ذلك الوقت ولعدة قرون متواصلة.[39] فجاء بعده ابن رشد فرد على الغزالي في كتابين أساسيين هما "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، ثم "تهافت التهافت".[39]
وبحسب الباحثين أمثال يوسف القرضاوي وعباس محمود العقاد، فإن الغزالي يُعدّ في كثير من نظرياته النفسيّة والتربوية والاجتماعية صاحب فلسفة متميّزة، وهو في بعض كتبه أقرب إلى تمثيل فلسفة إسلامية، وأنه فيلسوف بالرغم من عدم كونه يريد ذلك،[36] وهذا ما صرّح به كثيرون من العرب والغربيين، حتى قال الفيلسوف المشهور رينان: «لم تنتج الفلسفة العربية فكراً مبتكراً كالغزالي»،[40] وقد رأى كثير من علماء المسلمين قديماً أن الغزالي رغم حربه للفلسفة، لم يزل متأثراً بها، حتى قال تلميذه أبو بكر بن العربي: «شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع».[41]
الغزالي والتصوف
المراحل الفكرية التي مرّ بها الغزالي
قبل أن يستقر أمر الغزالي على التصوف، مرّ بمراحل كثيرة في حياته الفكرية، كما يرويها هو نفسه في كتابه المنقذ من الضلال، فابتدأ بمرحلة الشكّ بشكل لا إرادي، والتي شكّ خلالها في الحواس والعقل وفي قدرتهما على تحصيل العلم اليقيني، ودخل في مرحلة من السفسطة غير المنطقية حتى شُفي منها بعد مدة شهرين تقريباً.[42] ليتفرّغ بعدها لدراسة الأفكار والمعتقدات السائدة في وقته، يقول: «ولما شفاني الله من هذا المرض بفضله وسعة جوده، أحضرت أصناف الطالبين عندي في أربع فرق: المتكلمون: وهم يدعون أنهم أهل الرأي والنظر. والباطنية: وهم يزعمون أنهم أصحاب التعليم، والمخصوصون بالاقتباس من الإمام المعصوم. والفلاسفة: وهم يزعمون أنهم أهل المنطق والبرهان. والصوفية: وهم يدعون أنهم خواص الحضرة، وأهل المشاهدة والمكاشفة»،[42] ويتابع ويقول: «فابتدرت لسلوك هذه الطرق، واستقصاء ما عند هذه الفرق مبتدئاً بعلم الكلام، ومثنياً بطريق الفلسفة، ومثلثاً بتعلّم الباطنية، ومربعاً بطريق الصوفية».[42] فعكف على دراسة علم الكلام حتى أتقنه وصار أحد كبار علمائهم، وصنف فيه عدة من الكتب التي أصبحت مرجعاً في علم الكلام فيما بعد مثل كتاب "الإقتصاد في الإعتقاد"، إلا أنه لم يجد ضالته المنشودة في علم الكلام، ورآه غير واف بمقصوده، يقول عن نفسه: «فلم يكن الكلام (أي علم الكلام) في حقي كافياً، ولا لدائي الذي كنت أشكوه شافياً».[43] بعد ذلك توجّه لعلم الفلسفة ودرسها وفهمها، ثم نقدها بشدة بكتابه تهافت الفلاسفة. ثم درس بعدها الباطنية فردّ عليهم وهاجمهم. ليستقر أمره على علم التصوف.
استقراره على التصوف
بعد تلك المراحل بدأ اهتمام الغزالي يتّجه نحو علوم التصوف، فابتدأ بمطالعة كتبهم مثل: قوت القلوب لأبي طالب المكي، وكتب الحارث المحاسبي، والمتفرقات المأثورة عن الجنيد وأبي بكر الشبلي وأبي يزيد البسطامي. كما أنه كان يحضر مجالس الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي الصوفي، والذي أخذ عنه الطريقة،[18] فتأثر بهم تأثيراً كبيراً، حتى أدّى به الأمر لتركه للتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، واعتزاله الناس وسفره لمدة 11 سنة،[25] تنقل خلالها بين دمشق والقدس والخليل ومكة والمدينة المنورة، كتب خلالها كتابه المشهور في التصوف إحياء علوم الدين، وكانت نتيجة رحلته الطويلة تلك أن قال:[25]
وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به أني علمتُ يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق.
[عدل]كتاب إحياء علوم الدين
كان من أشهر مؤلفات الغزّالي في التصوف كتابه إحياء علوم الدين، والذي قد حاز شهرةً وانتشاراً ما لم يقاربه أي كتاب من كتبه الأخرى، حتى صارت نسخه المخطوطة مبثوثة في مكتبات العالم.[44] وقد امتدح الكتاب غير واحد من علماء الإسلام، مثل ما قاله عبد الرحيم العراقي المحدث الذي خرّج أحاديث الإحياء، حيث قال عنه: «إنه من أجل كتب الإسلام في معرفة الحلال والحرام، جمع فيه بين ظواهر الأحكام، ونزع إلى سرائر دقت عن الأفهام، لم يقتصر فيه على مجرد الفروع والمسائل، ولم يتبحر في اللجة بحيث يتعذر الرجوع إلى الساحل، بل مزج فيه علمي الظاهر والباطن، ومرج معانيها في أحسن المواطن، وسبك فيه نفائس اللفظ وضبطه، وسلك فيه من النمط أوسطه»، وقال غيره: «من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء»،[45] كما أُلّف الكثير من الكتب في شرح واختصار الإحياء والدفاع عنه، مثل كتاب "الإملاء على مشكل الإحياء" والذي ألفه الغزالي نفسه للرد على من انتقده في عصره، وكذلك كتاب "إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين" للزبيدي، و"تعريف الأحياء بفضائل الإحياء" لعبد القادر العيدروس، وكذلك "المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" لعبد الرحيم العراقي. أما الإختصارات، فقد اختصره أخوه أحمد الغزّالي في كتاب "لباب الإحياء"، و"منهاج القاصدين" لابن الجوزي، وغيرها الكثير.
وعلى العكس من ذلك، فقد ذمّ جمع من العلماء الإحياء منتقدين فيه كثرة الأحاديث الضعيفة، وإيراده لقصص الصوفية،[45] حتى ألّفوا الكتب في الرد عليه، مثل كتاب "إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء" لأبي الحسن ابن سكر، و"إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء" لابن الجوزي،[10] و"الضياء المتلالي في تعقب الإحياء للغزالي" لأحمد ابن المنيّر، حتى وصل الأمر أن أُمر بحرق كتاب الإحياء في قرطبة على عهد علي بن يوسف بن تاشفين ثاني أمراء المرابطين.[44]
[عدل]تلاميذ الغزالي
كانت مدرسة الغزالي تضم عشرات التلاميذ الأذكياء، وقد أثّر الغزالي ثأثراً كبيراً في جمهور كبير من تلاميذه، وذكر الزبيدي منهم:[46]
أبو النصر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الخمقدي، توفي سنة 544 هـ، وتفقّه في طوس على الغزالي.
أبو منصور محمد بن إسماعيل بن الحسين العطاري، الواعظ في طوس والملقّب بـ "جندة"، توفي 486 هـ، وتفقّه في طوس على الغزالي.
أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد بن برهان، وكان حنبلياً، ثم تفقّه على الغزالي، وكام يدرّس في المدرسة النظامية علوم شتى، ودرّس إحياء علوم الدين للطلاب، توفي 518 هـ.
أبو سعيد محمد بن أسعد التوقاني، توفي 554 هـ.
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي، الملقّب بـ "المهدي".
أبو حامد محمد بن عبد الملك الجوزقاني الإسفراييني، تفقّه على الغزالي في بغداد.
محمد بن يحيى بن منصور، وهو من أشهر تلامذته، تفقه على الغزالي، وشرح كتابه الوسيط.
أبو بكر بن العربي، القاضي المالكي، وهو من حمل كتابه إحياء علوم الدين إلى المغرب العربي عند عودته من رحلته المشرقية عام 495 هـ.
أحمد بن مَعَدّ بن عيسى بن وكيل التجيبي الداني الأُقْلِيشي، لم يكن له لقاء مباشر مع الغزالي، فإن أخذه وروايته لمؤلفات الإمام، كانت عن طريق شيخيه أبو بكر بن العربي وعبَّاد بن سَرْحَان المَعَافِرِي.
[عدل]من أشهر كتب الغزّالي
ألّف الإمام الغزّالي خلال مدة حياته (55 سنة) الكثير من الكتب في مختلف صنوف العلم، حتى أنه قيل: إن تصانيفه لو وزعت على أيام عمره أصاب كل يوم كتاب. حيث بلغت 457 مصنفا ما بين كتاب ورسالة، كثير منها لا يزال مخطوطا، ومعظمها مفقود[47]. ومن هذه الكتب:[48]
في العقيدة وعلم الكلام والفلسفة والمنطق:
الاقتصاد في الاعتقاد.
بغية المريد في مسائل التوحيد.
إلجام العوام عن علم الكلام.
المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى.
المعارف العقلية ولباب الحكمة الإلهية.
القانون الكلي في التأويل.
فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة.
فضائح الباطنية.
حجّة الحق، في الرد على الباطنية.
قواصم الباطنية.
مقاصد الفلاسفة.
تهافت الفلاسفة.
معيار العلم في فن المنطق.
محك النظر في المنطق.
ميزان العمل.
في علم الفقه وأصوله وعلم الجدل:
التعليقة في فروع المذهب.
البسيط في الفروع.
الوسيط، في فقه الإمام الشافعي.
الوجيز، في فقه الإمام الشافعي.
فتاوى الغزالي.
غاية الغور في دراية الدور.
المستصفى في علم أصول الفقه.
المنخول في علم الأصول.
تهذيب الأصول.
المباديء والغايات.
شفاء الغليل في القياس والتعليل.
القسطاس المستقيم.
أساس القياس.
المنتحل في علم الجدل.
مآخذ الخلاف.
لباب النظر.
تحصين المآخذ في علم الخلاف.
جواب مفصل الخلاف.
في علم التصوف:
إحياء علوم الدين.
الإملاء على مشكل الإحياء.
بداية الهداية.
أيها الولد.
أسرار معاملات الدين.
روضة الطالبين وعمدة السالكين.
الأربعين في أصول الدين.
مدخل السلوك الي منازل الملوك.
ميزان العمل.
كيمياء السعادة، (وقد كتبه بالفارسية وتُرجم إلى العربية).
زاد الآخرة، (وقد كتبه بالفارسية وتُرجم إلى العربية).
مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علاّم الغيوب.
سر العالمين وكشف ما في الدارين.
منهاج العابدين.
منهاج العارفين.
معارج القدس في مدارج معرفة النفس.
مشكاة الأنوار.
الرسالة اللدنية.
الكشف والتبيين في غرور الخلق أجمعين.
تلبيس إبليس.
متنوعات:
المنقذ من الضلال.
المضنون به على غير أهله.
المضنون به على أهله.
جواهر القرآن ودرره.
حقيقة القرآن.
الحكمة في مخلوقات الله.
التبر المسبوك في نصحية الملوك.
القصيدة المنفرجة.
شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل.
[عدل]أقوال العلماء فيه
المؤيدون
كان أبو حامد الغزالي عند جمهور المتقدمين حجّة الإسلام ومجدد القرن الخامس الهجري،[49] ومحيي علوم الدين، وكان من أقوال مَن أثنى عليه ومدحه:
شيخه أبو المعالي الجويني: الغزالي بحر مغدق.[16]
الذهبي: الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف والذكاء المفرط.[10]
ابن الجوزي: صنف الكتب الحسان في الأصول والفروع، التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها، وتحقيق الكلام فيها.[18]
تاج الدين السبكي: حجة الإسلام ومحجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام، جامع أشتات العلوم، والمبرز في المنقول منها والمفهوم، جرت الأئمة قبله بشأو ولم تقع منه بالغاية، ولا وقف عند مطلب وراء مطلب لأصحاب النهاية والبداية.[16]
ابن النجار: أبو حامد إمام الفقهاء على الإطلاق ورباني الأمة بالإتفاق، ومجتهد زمانه وعين أوانه، وكان شديد الذكاء، قوي الإدراك، ذا فطنة ثاقبة، وغوص على المعاني.[50]
أبو الحسن الشاذلي: إذا عرضت لكم إلى الله حاجة فتوسلوا إليه بالإمام أبي حامد.[51]
أبو العباس المرسي: إنا لنشهد له بالصديقية العظمى.[51]
ابن العماد الحنبلي: الإمام زين الدين حجة الإسلام، أبو حامد أحد الأعلام، صنف التصانيف مع التصون والذكاء المفرط والاستبحار في العلم وبالجملة ما رأى الرجل مثل نفسه.[8]
ابن كثير: كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه.
أبو بكر ابن العربي: كان أشهر من لقينا من العلماء في الآفاق، ومن سارت بذكره الرفاق لطول باعه في العلم، ورَحب ذراعه، الإمام أبو حامد بن محمد الطوسي الغزالي.[52]
أسعد الميهني: لا يصل إلى معرفة علم الغزالي وفضله إلا من بلغ أو كاد يبلغ الكمال في عقله.[50]
عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: أبو حامد الغزالي حجة الإسلام والمسلمين، إمام أئمة الدين، من لم تر العيون مثله لساناً وبياناً ونطقاً وخاطراً وذكاءً وطبعاً.
تلميذه محمد بن يحيى: الغزالي هو الشافعي الثاني.[50]
الأسنوي: الغزالي إمام باسمه تنشرح الصدور وتحيا النفوس، وبرسمه تفتخر المحابر وتهتز الطروس، وبسماعه تخشع الأصوات وتخضع الرؤوس. وهو قطب الوجود والبركة الشاملة لكل موجود وروح خلاصة أهل الإيمان والطريق الموصلة إلى رضا الرحمن يتقرب إلى الله به كل صديق ولا يبغضه إلا ملحد أو زنديق.[8]
تلميذه الشيخ أبو العباس الأقليشي المحدّث الصّوفي، مدحه ومدح كتاب إحياء علوم الدين في قصيدة طويلة جاء فيها:[3]
أبا حامد أنت المخصص بالمجدِ وأنت الذي علمتنا سنن الرشدِ
وضعت لنا الإحياء تحيي نفوسنا وتنقذنا من طاعة النازغ المردي
فربع عباداته وعاداته التي يعاقبها كالدر نظم في العقدِ
وثالثها في المهلكات وإنه لمنج من الهلك المبرح والبعدِ
ورابعها في المنجيات وإنه ليسرح بالأرواح في جنة الخُلْدِ
ومنها ابتهاج للجوارح ظاهر ومنها صلاح للقلوب من الحقدِ
المعارضون
كان لأبي حامد الغزالي، كغيره من قادة الفكر، جماعة ممن انتقدوه، فأنكروا عليه بعض ما كتب في كتبه، أو بعض ما تبنّاه من أفكار، أو بعض ما اختاره من طريق الزهد والتصوف، وحتى مَن انتقده فقد أشاد بعلمه وفضله،[49] فكان ممن انتقده:
أبو بكر الطرطوشي، والذي انتقد الغزالي في هجرانه للعلوم الشرعية، وإقباله على طريق الصوفية، وإدخاله الفلسفة، وانتقاده فيما بعد للفقهاء والمتكلمين، حتى قال عنه أنه «كاد ينسلخ من الدين»، متهماً إياه بأنه «غير أنيس بعلوم الصوفية ولا خبير بمعرفتها». ولقد ردّ تاج الدين السبكي على انتقاد الطرطوشي، وقال بأن الغزالي درس الفلسفة لينقضها، وأنه «كان ذا قدم راسخ في التصوف، وإِن لم يكن الغزاليّ يدري التصوف فَمن يدريه».[53]
المازري، والذي أنكر على الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين إيراده الأحاديث الضعيفة، وأنكر عليه قراءته للفلسفة، فردّ عليه أيضاً تاج الدين السبكي، وبيّن علّة إنكاره على الغزالي، ألا وهي التعصّب لأبي حسن الأشعري في علم الكلام، وتعصّبه لمالك بن أنس في الفقه، فقد كان الغزالي ربما خالف أبا حسن الأشعري في مسائل فرعية في علم الكلام حتى أن المازري قال «من خطأ شيخ السّنة أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ فَهُوَ المخطيء». كما رد عليه في مسألة أحاديث كتاب الإحياء، بأن الغزالي لم يكن ذا علم غزير في الأحاديث النبوية، وأن «عامة مَا في الإِحياء من الأخبار والآثار مبدد في كتب من سبقه من الصوفية والفقهاء».[53]
ابن الصلاح، وقد انتقده بسبب إدخاله المنطق في علم أصول الفقه، وردّ أيضاً عليه تاج الدين السبكي.[53]
ابن الجوزي، له كلام في مدح الغزالي، وله كلام في انتقاده، وذلك في عدة مواضع في كتابه تلبيس إبليس، وقد ألف أيضاً كتاباً في الرد على إحياء علوم الدين سمّاه "إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء".[49]
ابن تيمية، وقد انتقده بقوة أيضاً، وذلك في مواضع متعددة في فتاويه، وفي كتابه "الرسالة السبعينية".[49]
[عدل]كتب وأبحاث عن الغزّالي
أبو حامد الغزالي المفكر الثائر، محمد الصادق عرجون، الدار القومية للطباعة والنشر، مصر.
أبو حامد الغزالي دراسات في فكره وعصره وتأثيره، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، المغرب.
أعلام المسلمين الإمام الغزالي، صالح أحمد الشامي، دار القلم، دمشق.
الأخلاق عند الغزالي، زكي مبارك، دار الجيل، بيروت.
الآداب التعاملية في فكر الإمام الغزالي، أحمد خواجة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت.
الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه، يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت.
الإمام الغزالي وعلاقة اليقين بالعقل، محمد إبراهيم الفيومي، دار الفكر العربي، القاهرة.
التربية الإسلامية عند الإمام الغزالي، أيوب دخل الله، المكتبة العصرية، بيروت.
التصوف السنّي حال الفناء بين الجنيد والغزالي، مجدي محمد إبراهيم، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة.
التصوف بين الغزالي وابن تيمية، عبد الفتاح محمد سيد أحمد، دار الوفاء، المنصورة.
الحقيقة في نظر الغزالي، سليمان دنيا، دار المعارف، مصر.
الإمام الغزالي وعلم الحديث، محمد عقيل بن علي المهدلي، دار الحديث، القاهرة.
الفيلسوف الغزالي، عبد الأمير الأعسم، دار قباء للطباعة والنشر.
اللامعقول وفلسفة الغزالي، محيي الدين عزوز، الدار العربية للكتاب، ليبيا.
المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت، محمود حمدي زقزوق، دار المعارف، القاهرة.
حجة الإسلام الإمام الغزالي، مأمون غريب، مركز الكتاب للنشر.
دور الغزالي في الفكر، حسن الفاتح قريب الله، مطبعة الأمانة، مصر.
مقارنة بين الغزالي وابن تيمية، محمد رشاد سالم، دار القلم، الكويت.
مؤلفات الغزالي، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الكويت.
الغزالي، مصطفى غالب، منشورات دار مكتبة الهلال، بيروت - لبنان.
أعمال فنية ومؤسسية عن الغزّالي
إنشاء مركز الكرسي المكتمل لفكر أبي حامد الغزالي في باب الرحمة في المسجد الأقصى وجامعة القدس، وذلك في شهر يناير عام 2013، وذلك بتوجيه من ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين.[54]
تصوير فيلم وثائقي باللغة الإنجليزية بعنوان "الغزالي.. كيميائي السعادة"، مدته 80 دقيقة، وذلك في عام 2007.[55]
تصوير مسلسل تلفزيوني عن حياة الغزالي، بواقع 30 حلقة، و45 دقيقة لكل حلقة، والمسلسل من إخراج إبراهيم الشوادي، تم عرضه في شهر يوليو 2012.[56]
]المصادر
^ هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، تأليف: ماجد الكيلاني، ص184.
^ الشيخ عبد القادر الكيلاني رؤية تاريخية معاصرة ، تأليف جمال الدين فالح الكيلاني ، مؤسسة مصر مرتضى ، بغداد ، 2011 ،ص63.
↑ أ ب ت نظم الأقليشي في الدفاع عن فكر الغزالي، الدكتورة حياة قارة، كلية الآداب، الرباط.
^ تحفة المهتدين بأخبار المجددين، السيوطي، كما هي منقولة في كتاب "عون المعبود شرح سنن أبي داود"، ج11، ص265، دار الكتب العلمية.
↑ أ ب ت معجم البلدان، ياقوت الحموي، ج4، 216-219.
^ الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي، محمد البهي، ص232، ط3.
↑ أ ب الفيلسوف الغزالي، عبد الأمير الأعسم، ص27-32، دار قباء، ط1998.
↑ أ ب ت ث ج شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد الحنبلي
^ شذرات من ذهب في أخبار من ذهب، ابن العماد، ج4.
↑ أ ب ت سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج19.
^ وفيات الأعيان، ابن خلكان، ج1، ص98.
^ معجم البلدان، ياقوت الحموي، ج3، ص561.
^ حجة الإسلام، العزيزي، ص35.
↑ أ ب طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج6، ص191-194.
↑ أ ب سيرة الغزالي، عبد الكريم العثمان، ص17.
↑ أ ب ت ث ج ح خ د ذ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج6، ص195-201.
^ رجال الفكر والدعوة في الإسلام، أبو الحسن الندوي، ص159.
↑ أ ب ت ث ج ح خ د المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، ج9، سنة 505هـ.
^ الإمام أبو حامد الغزالي، مصطفى جواد، ص55.
↑ أ ب البداية والنهاية، ابن كثير، ج16، ص118، أحداث سنة 484 هـ.
↑ أ ب التعليم في المدرسة النظامية، مجلة المعلم الجديد العراقية، حسين أمين، ج6، ج18، سنة 1955، ص35.
↑ أ ب الفيلسوف الغزالي، عبد الأمير الأعسم، ص38-40، دار قباء، ط1998.
^ مختصر تاريخ العرب، أمير علي، ص278.
^ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج5، ص306.
↑ أ ب ت ث ج المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص170-177، دار الكتب الحديثة.
↑ أ ب المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص180-190، دار الكتب الحديثة.
^ جريدة القبس: الهارونية.
^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج16، ص208، أحداث سنة 503 هـ.
^ الثبات عند الممات، ابن الجوزي.
^ موقع الإمام الغزالي: قبر الإمام الغزالي.
^ صحيفة تركية: إعادة إعمار قبر الإمام الغزالي.
^ جريدة المؤتمر: الوقف السني: الإدعاء بأن قبر الغزالي في بغداد غايته استغلال الناس.. وأكد ان القبر يقع في مدينة طوس.
^ الجزيرة نت: جدل عراقي حول قبر الإمام الغزالي.
↑ أ ب طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج6، ص220-224.
^ المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص137.
↑ أ ب الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه، يوسف القرضاوي، ص20-45، مؤسسة الرسالة، ط1.
↑ أ ب المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص126-127.
↑ أ ب التصوف بين الغزالي وابن تيمية، عبد الفتاح محمد سيد أحمد، ص64-72، دار الوفاء، ط1.
↑ أ ب البيان: الفلسفة في القرون الوسطى، جون مارينبون، 2005.
^ دراسات في تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية ورجالها، عبده الشمالي، ص553.
^ سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج19، ص327.
↑ أ ب ت المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص112-118، دار الكتب الحديثة.
^ المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، ص124، دار الكتب الحديثة.
↑ أ ب أبو حامد الغزالي وكتابه إحياء علوم الدين، عبد الله بن سالم البطاطي.
↑ أ ب الدرر السنية، إحياء علوم الدين.
^ إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، الزبيدي المرتضى، ج1، ص55.
^ الإمام الغزّالي لمحات من منهج خلقي - موقع الإسلام أون لاين
^ مؤلفات الغزالي، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، ط1977.
↑ أ ب ت ث الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه، يوسف القرضاوي، ص84-92، مؤسسة الرسالة، ط1.
↑ أ ب ت طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج6، ص202-203.
↑ أ ب لطائف المنن، ابن عطاء الله السكندري، ص97.
^ دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا، عصمت دندش، ص195.
↑ أ ب ت طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج6، ص240-258.
^ مؤسسة الأقصى: افتتاح الكرسي المكتمل لفكر الغزالي في الأقصى.
^ موقع أمازون: فيلم الغزالي.. كيميائي السعادة.
^ سينما دوت كوم: مسلسل الإمام الغزالي.